منتجون: أجور نجوم الدراما المصرية الكبيرة "وهم" يستخدم للدعاية


غادة عبدالرازق وعادل الإمام
القاهرة - دار الإعلام العربية
أكد العديد من المنتجين والمسؤولين في القنوات الفضائية المصرية أن محطاتهم لن تشتري مسلسلات بعشرات الملايين، مستبعدين وقوع أزمة في الإنتاج الدرامي، كما أشار منتجون إلى أن الفنانين يبالغون في الحديث عن أجورهم لترويج أنفسهم فقط قبل تصوير مسلسلاتهم، فكل فنان يريد أن يقول إن اسمه وحده كفيل بتسويق المسلسل وتحقيق الربح للمنتج، بل إن أحد المنتجين ذهب إلى حد أن أي شركة تنفذ عملاً تزيد تكلفته على 10 ملايين جنيه ستخسر كثيراً، فما بالك بدفع 40 مليوناً لنجم واحد، وأضاف: بإمكاننا صناعة نجم بأقل من الرقم السابق بعدة ملايين.

"العربية نت" قامت بجولة في الوسط الفني واستمعت إلى حديث الأرقام التي ترددها وسائل الإعلام المختلفة.. عمرو دياب يتقاضى 40 مليون جنيه نظير مشاركته في مسلسل تلفزيوني قدرت تكاليفه بـ100 مليون جنيه، تامر حسني منافس عمرو على الساحة الغنائية، تعاقد مع المنتج محمود شميس على بطولة مسلسل تلفزيوني بعنوان "ابن بلد" أو "آدم" سيتم عرضه خلال رمضان المقبل مقابل 21 مليون جنيه، محمود عبدالعزيز تعاقد منذ فترة على بطولة مسلسل تلفزيوني بعنوان "بابا مصاحب" مقابل 33 مليون جنيه، وتقدر التكلفة الإجمالية للمسلسل 60 مليون جنيه، الفنان عادل إمام يستعد لدخول السباق الرمضاني بمسلسل "فرقة ناجى عطا الله" الذي تحول من فيلم سينمائي إلى مسلسل تلفزيوني يعرض ضمن مسلسلات رمضان 2011، وبهذا يعود الزعيم إلى الدراما التلفزيونية بعد فترة انقطاع دامت أكثر من 25 عاماً، ويتقاضى الزعيم مليون جنيه أجراً على الحلقة الواحدة، وستكون التكلفة الإجمالية للمسلسل أكثر من 70 مليون جنيه.
المنتج تامر مرسي
محمد سعد الشهير بـ"اللمبي" يستعد هو الآخر لبطولة مسلسله الجديد "ألف لمبي ولمبي" وتشاركه البطولة فيه النجمة سيرين عبدالنور، المسلسل من تأليف أحمد عبدالله، وسيتقاضى سعد أجراً 15 مليون جنيه، فيما تقدر التكلفة الإجمالية للمسلسل بـ45 مليون جنيه، ومقرر عرضه رمضان 2012.

أما غادة عبدالرازق فبعد نجاحها غير المتوقع في مسلسل "زهرة وأزواجها الخمسة" قررت هي الأخرى رفع أجرها في رمضان 2011 إلى 13 مليون جنيه نظير بطولة مسلسلها "سمارة" الذي تعاقدت عليه أخيراً، وتقدر التكلفة الإجمالية للمسلسل بـ40 مليون جنيه.

عادل إمام فقط.. والباقي فاشلون

إلى هنا انتهى حديث الأرقام، لكن عندما توجهنا بالسؤال إلى المنتج ممدوح شاهين عن حقيقة هذه الأرقام، الذي قال: "المسلسل الوحيد الذي من الممكن أن يباع بتلك الأسعار هو مسلسل الزعيم عادل إمام (فرقة ناجي عطا الله) والسبب أنه يستحق ذلك وأكثر بكثير؛ لأن عادل إمام تاريخ يمكن تسويقه في أي مكان من أنحاء الوطن العربي بالكامل، أما الآخرون فهم فاشلون"، على حد وصفه.

وأضاف أن القنوات الوحيدة التي بإمكانها شراء أعمال تصل تكلفتها إلى مثل هذا الحد هي مجموعة قنوات "الحياة" وقنوات التلفزيون المصري، والأولى فعلتها بالفعل مع مسلسل "سمارة" للفنانة غادة عبدالرازق، وحتى الآن أنا لا أعلم كيف وما السر وراء ما يفعلونه؟ أما التلفزيون المصري فلو قام بشراء مسلسلات منها - وهذا لن يحدث مثلما حدث العام الماضي - فسيكون بسبب سعي رئيس الاتحاد أسامة الشيخ إلى أن يعيد للتلفزيون المصري رونقه ومكانته بين باقي القنوات الأخرى، وبالتالي لا يفرق معه الأموال التي يدفعها حتى وإن أتت على حساب العاملين في "ماسبيرو".

فقط عمرو دياب

في المقابل قال المنتج تامر مرسي إنه سيدفع بالفعل مبلغ الـ40 مليون جنيه لعمرو دياب؛ لأنه قادر على جني أضعاف هذا الرقم ولو وصل إلى 100 مليون؛ لأن جماهيرية عمرو دياب وقاعدته العريضة بين الشباب والكبار وحتى الصغار - تمتد من مصر إلى جميع الدول العربية وشمال وجنوب إفريقيا ودول أوروبا نفسها، فاسم دياب قادر على تسويق نفسه بنفسه في أي مكان من أنحاء العالم، وعندما فكرت في دياب تأكدت تماماً أنني لن أدفع مليماً واحداً في الهواء، وكل ما سأقوم بصرفه وإنفاقه على العمل سيأتي بأضعافه.

وعن كلام بعض المنتجين عن الأجر الذي دفعه لدياب والمبالغة فيه وأنه سبب في رفع أجور الفنانين ومن الممكن أن يدمر الدراما بسبب تلك الأجور، أكد مرسي أن هذا الكلام عارٍ تماماً من الصحة، وكل ما يقال مجرد كلام وغيرة من الآخرين لكونه تعاقد مع نجم كبير بحجم عمرو دياب.
وأكمل: حتى الأجور التي أسمعها عن النجوم الآخرين أرى أنها مبالغ فيها للغاية؛ لأنه لا يوجد نجم في مصر قادر على البيع في دول العالم بالكامل سوى عمرو دياب، وبالتالي فهو يستحق ما يطلبه مهما كان.

أما المنتج عصام شعبان صاحب شركة "كنج توت"، فقال، جازمًا: إن جميع الأرقام التي نسمع عنها الآن لا أساس لها من الصحة، وأرى أن كل النجوم بل أنصاف النجوم يبالغون في أجورهم بشكل غريب حتى يضعهم المنتجون في مكانة كبيرة ويعطونهم ما يطلبونه.

واختتم شعبان كلامه متسائلاً: إذا كان المنتج سيدفع كل هذه المبالغ لنجم واحد ضمن فريق العمل، فماذا ستكون تكلفة العمل بالكامل؟ ومن المجنون الذي سيقوم بشراء الأعمال التلفزيونية بتلك الأسعار؟

ويقدم المنتج هشام عبدالفتاح - أحد المنتجين الجدد المنضمين إلى سوق الدراما التلفزيونية في شهر رمضان المقبل بمسلسل "عروسة صيني"- رأياً آخر، حيث قال: عندما بدأنا التفكير في دخول موسم الدراما في رمضان 2011 وجدنا أن العام الماضي شهد ارتفاعاً غير مسبوق في الأجور، وهذا الارتفاع جعل هناك صعوبة في التسويق وأيضاً في تحقيق المكاسب المادية سواء للفضائيات أو للمنتجين، ومن هنا قررنا أن يكون العمل بطولة شبابية وفكرة جديدة وجدتها في "عروسة صيني" مع دعم الوجوه الجديدة، بمجموعة من الخبرات مثل نهال عنبر وسعيد طرابيك وغيرهما، ولذلك رصدنا للعمل ميزانية تبلغ 6 ملايين جنيه فقط، وهذا ما جعل مسألة التسويق في غاية السهولة؛ لأن العمل غير مكلف بقدر كبير، وبالتالي التفاوض على سعره مع القنوات يكون أسهل بكثير مع إتاحة الفرصة لتلك القنوات في أن تحقق أعلى عائد من الأرباح عن طريق الإعلانات.

وأكمل: أعتقد أن المنتجين الذين سيكلفون أعمالاً تزيد على 10 ملايين سيخسرون كثيراً، وبإمكاننا صناعة نجم بأقل من الرقم السابق بعدة ملايين.

الفضائيات: لماذا نلهث وراء النجوم؟

وبالتوازي مع هشام عبدالفتاح تحدث عماد بهاء، مدير قناة "كايرو دراما"، باستياء عن الأرقام التي يسمعها في ما يتعلق بأجور النجوم، وتساءل: لماذا نلهث وراء النجوم ونعطيهم أموالاً خرافية رغم أننا من الممكن أن نستعين بنجوم صف ثان وثالث ونجوم شباب ومواهب شابة ونعطيهم أموالاً أقل بكثير وتخرج أعمالهم في أحسن صورة وأفضل من أعمال النجوم أنفسهم؟

وهذا بالفعل ما حدث العام الماضي مع مسلسل "العار" الذي أعاد اكتشاف بعض النجوم درامياً مثل مصطفى شعبان وشريف سلامة وأحمد رزق، وأعتقد أن هذا المسلسل لم يتكلف الكثير؛ لأن نجومه ليسوا نجوم صف أول في الدراما المصرية والعربية، ورغم هذا حقق المسلسل أعلى نسبة مشاهدة ولايزال يعرض حتى الآن على العديد من المحطات، حيث تم تسويق المسلسل في أكثر من 13 قناة فضائية، وأضاف: إن الإنتاج لم يعد تقديم رسالة وفن، لكن أصبح تجارة فقط، وإن الأعمال لا يتم اختيارها بناء على الذوق العام ولا ملاءمتها للمجتمع المصري والشرقي نهائياً.

وعن إمكانية قيام قناة "كايرو دراما" بشراء الأعمال التي تتعدى تكلفتها 20 و30 مليوناً، أجاب بهاء: من ضرب الخيال أن نشتري تلك الأعمال بهذه التكلفة العالية، وقال: "إن القناة الوحيدة التي تدخل سوق الشراء بقوة هي قناة "الحياة" ولا يمكنها شراء جميع الأعمال، لكنها تعرض عملاً أو عملين على الأكثر وبالتالي لن تشتري كل الأعمال ذات التكلفة العالية".

وأضاف: من وجهة نظري أن الكثير سيحجم هذا العام عن شراء بعض المسلسلات؛ ما سيُحدث أزمة حقيقية لدى منتجيها، وبالتالي من الممكن أن يتعرضوا لخسارة وبالتالي سيحجمون العام بعد المقبل عن الإنتاج وسيقل إنتاج الأعمال الدرامية بسبب ارتفاع أجور النجوم إلى هذا الحد الذي نسمع عنه يومياً.

واختتم بهاء كلامه قائلاً: الكل خرج خاسراً العام الماضي من سوق الدراما ولم تستطع أي قناة أن تحقق الربح في عمل يذكر؛ لأنه ببساطة الكعكة الإعلانية معروفة للكل في السوق، وهناك بعض الشركات الإنتاجية هدمت الإنتاج السينمائي، وتحاول أيضاً هدم الإنتاج التلفزيوني، مطالباً هؤلاء بأن يتقوا الله في هذه الصناعة حتى لا تتعرض للانهيار، وتتعرض هذه القنوات للغلق بسبب المغالاة في بيع مسلسلاتهم، وأعتقد أن أقرب مثال لذلك هو إحجام التلفزيون المصري عن شراء مسلسلات الكبار هذا العام، إلى جانب عدم مشاركة أي شركة إنتاج في إنتاج مسلسلاتها لارتفاع الأجور بشكل جنوني.

الدراما ستتعرض لأزمة


تابع: لا توجد أي قناة أو محطة تلفزيونية ستقوم بدفع ولو ربع الثمن الذي ذكرته من أجل عرض المسلسل في خريطتها التلفزيونية، ونحن مازلنا في مراحل كتابة المسلسل الأولية، حيث لم ننتهِ بعد من كتابة نصف الحلقات.

وتعليقاً على اتهام المنتجين بأنهم السبب وراء أزمة ارتفاع الأجور قال شميس: مستحيل هذا الكلام، ولن يحدث أبداً ما تقولونه من أن الدراما سيحدث بها أزمة بسبب ارتفاع الأجور؛ لأن هذا الكلام لو كان صحيحاً لكانت الأزمة قد وقعت العام الماضي، وهو ما لم يحدث.

وأجاب: لأن تلك الأجور بكل تأكيد غير حقيقية بالمرة، وما يقال يتم نشره وترديده لمجرد عمل "بروباجندا" للمسلسلات والأعمال الدرامية ولنجومها ليس أكثر، وأعتقد أن الأجور التي يرددها الكثير مغلوطة 100% ومبالغ فيها ولا تتعدى النصف أو الربع.

من جانبه، يرى محمد عبدالمتعال، مدير قنوات "الحياة" أن الأرقام الفلكية التي يتحدث عنها نجوم الدراما يمكن أن تؤدي بالفعل إلى تدهور حال الإنتاج التلفزيوني في ما بعد.
وعن إمكانية شراء قنوات "الحياة" مسلسلات بتلك المبالغ أجاب: إن قطاع الإنتاج بقنوات الحياة دخل كمساهم رئيس في بعض المسلسلات، منها مسلسل "محمد علي" للنجم يحيى الفخراني الذي كان من المقرر عرضه في رمضان 2011 إلا أنه تأجل، هذا إلى جانب مسلسلات لاتزال في مرحلة الإعداد الأولى لها.

وأكد: قنواتنا بحمد الله تحتل المرتبة الأولى في المشاهدة على مستوى مصر، وهذا ما جعلنا نقدم خدمة متميزة للمشاهد العربي، ومسلسلات وبرامج حصرية.

وحول حجم الأرباح الإعلانية من هذه المسلسلات، قال عبدالمتعال: نحن نحقق إعلانات مُرضيه جداً في السوق واسألوا وكيلنا الإعلاني "ميديا لاين" عن كعكة الإعلانات التي تحققها قنوات "الحياة" وما حققته في رمضان العام الماضي، وأضاف: نحن لا نشتري إلا ما يجعلنا نربح من خلاله، ولا ننسى أن هناك مُلاكاً لتلك القنوات لا يريدون أن يعرّضوا أنفسهم للخسارة، والسوق عرض وطلب، فنحن نطلب المعروض بأسعارنا ولا يجبرنا أحد عليها وننتقي منها الأفضل.

وأضاف عبدالمتعال: رغم الأجور التي يتم التصريح بها فإن الكثير منها غير حقيقي، وأعتقد أنها لا تصل إلى نصفها، فلا يوجد منتج يريد الخسارة، وبالتالي لن يدفع أجراً مثل هذه الأجور التي يتم التصريح بها ونشرها في الصحف والمجلات.

الاستفادة من سوريا

من جانبه قال أحمد سعيد، وهو أحد المسؤولين في قناة "المحور": الإنتاج سينتهي قريباً بسبب دخول أشخاص الإنتاج التلفزيوني وهم لا يفقهون فيه كثيراً، وأكد أنه يجب النظر إلى الدراما السورية، وكيف تحولت من الأسوأ إلى الأفضل على مستوى الوطن العربي، وزحزحت الدراما المصرية بل استطاعت أن توزع في بلدان الخليج.

وقال: إن الدولة في سوريا تهتم بالقصة والمضمون ولا تهتم بالنجوم مثل مصر؛ لذلك فإن أغلب النجوم السوريين أتوا إلى مصر ليفرضوا شروطهم ويأخذوا الملايين.

وعن إمكانية قيام قناة "المحور" بشراء تلك المسلسلات بأسعار مرتفعة عن العام الماضي قال سعيد: من المستحيل وغير الطبيعي أن نشتري تلك المسلسلات بتلك الأسعار أو حتى نصفها، وأكد أنه إذا أصر المنتجون على أسعارهم فمن الأفضل أن يبحثوا عن مشترين من كوكب آخر؛ لأننا لن نرضخ لطلباتهم. وقال: نحن نعرض ما سندفعه وهم يعرضون ما يبيعونه، ولذلك فهم الخاسرون بلاشك.

واختتم كلامه قائلاً بسخرية: لن نعرض أي مسلسلات على الشاشة إذا أصروا على موقفهم، وشدد على ضرورة الوقوف بحسم في مواجهة هذا الاتجاه، حتى لا ينهار الإنتاج التلفزيوني كما انهار من قبله الإنتاج السينمائي، الذي عزف عنه النجوم السينمائيون، وقرروا اللجوء إلى الدراما والعمل على انهيارها هي الأخرى، فبكل تأكيد النجوم هم الأساس في تلك الأزمة وسيكونون السبب الرئيس وراء انهيار الدراما التلفزيونية بحلول عام 2015 على أكثر تقدير.

وعن رأيه قال علي خليفة، أحد المسؤولين عن قنوات "دبي" الفضائية: لا توجد قناة في العالم بأكمله من الممكن أن تجازف بشراء مسلسل بنصف الأسعار التي يتردد أن النجوم يتقاضونها، والسبب أن هناك دراسات جدوى نقوم بعملها في قنوات "دبي" عندما نقرر شراء عمل ما ومدى إمكانية نجاحه، وما سوف يعود علينا من أرباح بعد عرضه؟ وإن كان هناك شك في مدى نجاح هذه الأعمال وتحقيق ربح معقول للمحطة، فإننا لن نجازف من الأساس بشراء أي عمل ما لم تثبت تلك الدراسات أن الربح العائد منها سيكون معقولاً.

وأضاف أن العديد من الأجور التي تذكر ما هي إلا استهلاك إعلامي ومادة صحافية للنجوم في الإعلام.

وعن سبب اختيارهم مسلسل "سمارة" الذي ستقوم بعرضه قناة "دبي" حصرياً مع الحياة قال خليفة: إلى جانب "سمارة" هناك ثلاثة مسلسلات مصرية أخرى قررنا شراءها والاشتراك في إنتاجها، وجميعها أعمال تستحق الشراء وسيشاهدها الجميع، وسنحقق ربحاً وعائداً إعلانياً من ورائها.

31.12.2010