خبراء: مشاريع التنمية العملاقة بالسعودية تؤسس قطاع مقاولات قوي

 
الرياض - العربية.نت
أكد خبراء في قطاع المقاولات، أن ميزانية السعودية للعام 2011 التي رصدت اعتمادات هائلة للمشاريع التنموية تجاورت 256 مليار ريال، ستشكل جزءاً من مسيرة البناء والتنمية وقفزة إضافية لما سبق اعتماده من مشاريع خلال السنوات الخمس الماضية، مشيرين إلى أهمية تكاتف ذوي العلاقة لتحقيق طموحات، عن طريق إعداد مواصفات دقيقة وواضحة لهذه المشاريع قبل طرحها.

واستبعد هؤلاء الخبراء في حديثهم لـ"العربية.نت" أي تأخير قد يصاحب تنفيذها في أوقاتها المحددة، مشترطين تطبيق عقد الأشغال العامة الجديد وضبط أسعار مواد البناء في الحدود التي بنى ويبني عليها المقاولون أسعارهم، مع تخطي المعوقات البيروقراطية.

عقود متوازنة

فمن جهته، قال نائب رئيس اللجنة الوطنية للمقاولين بمجلس الغرف السعودية المهندس مهند قصي العزاوي: "تشكل الاعتمادات المرصودة للمشاريع التنموية والتي بلغت في الميزانية لهذا العام (1432/1433) 256 مليار ريال جزءاً من مسيرة البناء والتنمية، وقفزة إضافية لما سبق اعتماده من مشاريع خلال السنوات الخمس الماضية والتي بلغ إجمالها تسعمئة وستة عشر مليار ريال، وهو ما يمثل نقلة نوعية في مسيرة البناء والتنمية التي يشهدها بلدنا الحبيب".

وأضاف "من حق ولاة الأمر على الجميع تكثيف الجهود، وتكاتف ذوي العلاقة لتحقيق طموحات، وتوجيهات قيادتنا الرشيدة، لإنجاز هذه المشروعات الحيوية والتنموية، عن طريق إعداد مواصفات دقيقة وواضحة لهذه المشاريع قبل طرحها، والتأكد من توفر المواقع اللازمة لتنفيذها، وخلوها من العوائق".

وطالب العزاوي بتوفير الاعتمادات المالية التي تتناسب مع مدة التنفيذ، وتطبيق الأنظمة والتعليمات، والقرارات الصادرة بكل شفافية، وبوقت قياسي، بعيداً عن أي ممارسات خاطئة أو اجتهادات فرديه مخالفة لها، معتبراً أنه من الأهمية صياغة عقود متوازنة تحفظ حقوق جميع الأطراف، وتنظم العلاقة بما يضمن سلاسة العمل خلال مراحل تنفيذ هذه المشاريع التنموية.

وتوقع أن ينتج عما وصفه بالطفرة التنموية، قطاع مقاولات قوي قادر على المنافسة محلياً ودولياً، فإن ذلك سوف يتأتى في حال توفرت لهذا القطاع المرجعية التي تقوم بتنظيمه وتطويره، مع ضرورة توفير مصادر لتمويل هذا القطاع وبما يتناسب مع حجم المشروعات التي تم رصدها، مع عدم إغفال أهمية توطين الوظائف بقطاع المقاولات عن طريق إيجاد مراكز، ومعاهد للتدريب لتوفير المهن التي يحتاجها القطاع للعمل فيه, بجانب إنشاء مراكز للبحث والتطوير في التقنية المستخدمة في القطاع.

ودعا العزاوي العاملين بقطاع المقاولات إلى الإعداد الجيد والعمل على تطوير الكفاءات العاملة به ليكون قادراً على المنافسة السليمة والتنفيذ على المستوى المطلوب لهذه المشاريع، وتكوين كيانات كبيرة عن طريق الاندماج على أسس متينة ليتمكن من الاستفادة من هذه الفرصة المتاحة, ولتتحقق طموحات قيادتنا الرشيدة بتقدم الوطن وبتوفير الرخاء للمواطن.

ثقة واشتراطات

وأكد الرئيس السابق للجنة الوطنية للمقاولين بمجلس الغرف السعودية المهندس عبدالله العمار أن الميزانية الأخيرة تعتبر أضخم ميزانية للمملكة العربية السعودية على الإطلاق، حيث قدر حجم الإنفاق بـ540 مليار ريال، مضيفاً أنه من اللافت للنظر حجم المخصصات المعتمدة للصرف على المشاريع القائمة والمشاريع الجديدة، حيث تم تخصيص 260 مليار ريال بميزانية 1431-1432هـ للإنفاق على تلك المشاريع، معتبراً أن ذلك من شأنه أن يساعد سوق المقاولات على النمو والازدهار الذي بدأ منذ عدة سنوات.

وأبدى العمار ثقته في مقدرة قطاع المقاولات الوطني على تنفيذ كل مشروعاتنا التنموية والخدمية المدرجة في هذه الميزانية، مضيفاً أن كثيراً من المشاريع حالياً تحت التنفيذ، وأنه على ثقة من أن المشاريع الجديدة سوف يستطيع قطاع المقاولات استيعابها وتنفيذها في أوقاتها المحددة.

وعن الإشكاليات المتوقعة قال "لا أتوقع أية إشكاليات، فكثير من المقاولين الجدد قد دخلوا السوق سواء كانو من المقاولين الوطنيين أو المقاولين الأجانب، وبالتالي لا أتوقع أن يكون هناك أي اشكالية في تنفيذ المشاريع الجديدة.

ويشترط العمار لذلك أن يتم تطبيق عقد الأشغال العامة الجديد، وتم ضبط أسعار مواد البناء في الحدود التي بنى ويبني عليها المقاولون أسعارهم وتجاوزنا المعوقات البيروقراطية مثل الحصول على التراخيص اللازمة لبدء العمل في مشاريع البنية التحتية وسلامة المخططات والتصاميم وصكوك ملكية الأراضي للجهات الحكومية المختلفة وإستطاع القطاع البنكي الوطني توفير التمويل اللازم للمقاولين.

وطالب العمار وزارة العمل بتوفير القوى العاملة اللازمة للمقاولين لتنفيذ المشروعات الراسية عليهم في الأوقات المطلوبة من عمالة وطنية وعمالة وافدة.

مصاعب واتهامات

يذكر أن قطاع المقاولات السعودية وبحسب رؤية الكثير من المنتسبين له بحاجة ملحة لإيجاد العديد من التنظيمات وإزالة العوائق التي تواجهه لدى الأجهزة الحكومية ممثلة بالإجراءات غير الميسرة، مؤكدين أن المقاول السعودي يتحمل الكثير من الإجراءات والالتزامات غير المفروضة على المقاول الأجنبي مثل تأخير المستخلصات المالية.

ووفقاً لرئيس لجنة المقاولين في الغرفة التجارية بالرياض فهد الحمادي فهناك الكثير من الإشكاليات لدى الجهات الحكومية تتمثل بأنظمتها غير المحدثة وجود الكثير من العقبات في المواقع المسلمة للمقاول، مؤكدا أن الكثير من الشركات الأجنبية لا تتحمل مصاعب أعمال المقاولات وبعضها ينسحب من العمل بدون وجود أي ضمانات .

وانتقد الحمادي إحجام تمويل البنوك المحلية عن تمويل المقاولين للمشاريع وبالأخص الصغيرة والمتوسطة أو رفعها نسب الفائدة إلى حد وصل 12% سيؤثر في سير المشاريع التنموية التي تتطلع إليها الدولة والتي تقدر بنحو 750 مليار ريال خلال الأعوام العشرة المقبلة، مؤكداً أن التمويل ليس خياراً بل هو مطلب رئيسي وأساسي.

وأشار إلى أنه بالرغم من صدور قرارين من قبل مجلس الوزراء السعودي ينصان على إنشاء صندوق تمويل المقاولين، إلا أن هذا الصندوق لم ير النور، رغم وجود دراسات من قبل الغرفة الصناعية حول هذا الصندوق، وقدمت إلى الجهات المختصة، لكنها حتى الآن لم يتخذ قرار فيها.

من جهته قال رئيس اللجنة الوطنية للمقاولين عبدالله رضوان أن هناك التصنيف الأخير للمقاولين يشمل فقط ما يقارب 9000 مقاول فقط، مطالبا بضرورة الإسراع في إطلاق شركات لتأجير العمالة تغطي حاجة السوق السعودي من العمالة الماهرة .

واعتبر أن قطاع المقاولات يأتي في الدرجة الثانية بعد القطاع النفطي من حيث الأهمية، مضيفا أن العقود المحلية في أغلبها لا تخدم المقاول، بينما عقود (فيديك) الدولية تحل نحو 80% من مشكلات وقضايا المقاولين، وتنظم العلاقة بين الأطراف الثلاثة، وهي عقود معمول بها في معظم دول العالم.

مشاكل وقضايا المقاولين

وتأتي أبرز المطالبات الحالية بضرورة وجود هيئة عليا للمقاولين تهدف إلى حل مشاكلهم نظرا لعدم وجود مظلة أو مرجعية محددة لهذا القطاع. وكذلك تشجيع عمليات الاتحاد والاندماجات بين المقاولين لتكوين كيانات ذات إمكانيات وقدرات عالية .

يذكر أن عقود (فيديك) التي يطالب بها المقاولون هي عقود دولية قامت شركات عالمية استشارية بتنظيمه، يهدف إلى تغيير وتحسين بيئة العمل ، وينظر لها على أنها قادرة على حل حوالى (80 %) من مشاكل وقضايا المقاولين ، وينظم العلاقة بين المالك والمقاول والاستشاري.

ويضم قطاع المقاولات السعودي، وفق إحصاءات رسمية حوالى 90 ألف مؤسسة وشركة مقاولات، اقل من عشر منها فقط تحتكر المشاريع الحكومية الكبرى التي تقدر بملايين بل بمليارات الريالات، بسبب وجودها في الفئة الأولى، وفق التصنيف الذي تضعه وزارة الشؤون البلدية والقروية السعودية، ما يفتح المجال واسعاً لشركات الباطن التي تتولى تنفيذ هذه المشاريع، وتنجز ما بين 60 إلى 70 % المشاريع التي توكل إليها.

وكانت صحيفة "عكاظ" السعودية قد ذكرت في عددها الصادر في20 ديسمبر/ كانون الأول الماضي أنه ينتظر أن يدرج المقاولون المتعثرون في المشاريع الحكومية السعودية في قائمة سوداء تمنعهم من المنافسات الحكومية مستقبلاً. وحمل المقترح المرسل لوزير الداخلية الأمير نايف بن عبد العزيز تنفيذ الآلية الوطنية المطالبة بإيجاد تشريعات وأنظمة لمنع المقاولين المتعثرين من دخول المنافسات الحكومية عبر قاعدة بيانات متطورة لجميع المقاولين على المستوى الوطني. ومنع المقاولين من دخول المنافسات الحكومية حتى يتحسن أداؤهم، ويثبتوا استعدادهم لتنفيذ المشاريع وفق المواصفات وضمن المدة الزمنية المحددة.

من جهته، أكد رئيس لجنة المقاولين في غرفة الرياض الأستاذ فهد الحمادي قدرة قطاع المقاولين على مواكبة حركة النهضة التنموية التي تعيشها المملكة من خلال استيعاب كافة مشاريع البنية التحتية، وقال إن القطاع يتمتع بقدرات فائقة تجعله مؤهلا على التجاوب الفاعل في تنفيذ المشاريع الجديدة التي أعلنت في الميزانية التي يصل الإنفاق فيها 580 مليار ريال.

وأضاف قائلاً "إن القطاع يعد شريكاً استراتيجياً للدولة في تنفيذ مشاريع البنية التحتية، موضحا في هذا الإطار أن أية زيادة في حجم إنفاق الدولة على تلك المشاريع سينعكس إيجاباً على نمو هذا القطاع، وتحقيق معدلات نمو جديدة، حجم الإنفاق الحكومي على المشاريع له تأثير مباشر على نمو قطاع المقاولات والقطاع الخاص بشكل عام".

وأشار الحمادي إلى أن القطاع يولي أهمية كبرى للحركة التنموية التي تعيشها المملكة مؤكدا أن إقامة ملتقى الإنشاءات والمشاريع يومي 18 و 19 يناير المقبل يؤكد اهتمام القطاع والسعي لمعالجة قضاياه بما يجعله مؤهلا لمسايرة جهود الدولة ودعمها في مجال التنمية ، وقال إن الملتقي يعد خطوة هامة تأتي في الوقت الذي تشهد فيه المملكة تنفيذ أكبر برنامج استثماري من خلال ما تم إقراره في الخطة الخمسية التاسعة التي خصصت نحو 1.4 تريليون ريال سيتم استثمارها حتى عام 2014. مبينا أن هذا يؤكد اهتمام القطاع بمواكبة حركة التنمية والتطور التي تشهدها المملكة.

وقال إن هذه المشاريع العملاقة سوف تساهم بدرجة كبيرة في إنعاش سوق الإنشاءات والمشاريع بالمملكة و الذي يعد أكبر سوق في منطقة الشرق الأوسط. واختتم الحمادي تصريحه مؤكدا ثقته في قطاع المقاولات وقدرته على تنفيذ جزء كبير من المشروعات التي جاءت في الميزانية مما سيكون له أثره الكبير في إنعاش سوق المقاولات حيث تضمنت الميزانية برامج ومشاريع جديدة ومراحل إضافية لعدد من المشاريع التي سبق اعتمادها تزيد تكلفتها عن 260 مليار ريال مشيرا إلى أن القطاع يمكن له أن يحقق معدلات نمو تتجاوز 10% مقارنة بالسنوات الخمس الماضية.
BY:www.alarabiya.net
12.1.2011