البصرة.. أم العراق
العراق- البصرة ثاني أكبر مدينة عراقية ومركز محافظة البصرة تقع في أقصى جنوب العراق على رأس سواحل الخليج العربي تقع على الضفة الغربية لشط العرب "المعبر المائي الذي يتكون من التقاء نهري دجلة والفرات بعد خروجه من هور الحمار على بعد 110 كم شمال مدينة الفاو".
تبعد محافظة البصرة 55 كم عن الخليج العربي و545 كم عن مدينة بغداد، تبلغ مساحتها 19070 كم2، بعدد سكان يناهز ال 3,800,200 نسمة "حسب احصائيات 2009"، لها حدود دولية مع كل من السعودية والكويت جنوباً وايران شرقاً، والحدود المحلية لمحافظة البصرة تشترك مع كل من محافظة ذي قار وميسان شمالاً، والمثنى غربا.
تعتبر ميناء العراق الأوحد، ومنفذه البحري الرئيسي، كما تزخر المحافظة بحقول النفط الغنية ومنها حقل الرميلة وحقول الشعيبة، وبحكم موقعها حيث تقع في سهول وادي الرافدين الخصيبة، فغنها تعتبر من المراكز الرئيسية لزراعة الأرز، الشعير، الحنطة، الدخن، كما تشتهر بتربية قطعان الماشية. تقع على أرض متباينة التضاريس بين سهل وجبل وهضاب وصحراء.
* أسماء مدينة البصرة
كان للبصرة أسماء كثيرة أخرى أيضا سميت بها وذكرت بأمهات الكتب، فمن ذلك كانت تدعى بالخريبة قبل الفتح الإسلامي "بسبب وجود مدينة قديمة خربة قريبة من الموقع"، وبعد بنائها سميت بأسماء كثيرة منها أم العراق، خزانة العرب، عين الدنيا، ذات الوشامين، البصرة العظمى، البصرة الزاهرة، ثغر العراق الباسم، الفيحاء، قبة العلم، كما تدعى الرعناء وذلك لتقلب الجو فيها أثناء اليوم الواحد وخاصة في فصل الربيع، وتجمع مع الكوفة بالمصرين، إذ أن كل من البصرة والكوفة كانتا تعتبران اعظم أمصار العالم الإسلامي بدون منازع -قبل بناء بغداد طبعاً- كما تجمع مع الكوفة أيضاً ويطلق عليهما العراقيين أو البصرتين.
أما معنى اسمها الحالي فقيل فيه الكثير من الأخبار منها: الأرض ذات الحجارة الصغيرة فقد قال الأخفش في البصرة: حجارة رخوة إلى البياض ما هي وبها سميت البصرة، وقال حمزة الاصفهاني إنها كلمة فارسية أصلها "بس راه" أو باصوراه أي الطرق المتشعبة وردها يعقوب سركيس إلى الكلدانية وقال أنها تعني الاقنية أو باصرا "محل الأكواخ" إن كلمة بصرة أو بصيرة كلمة أكدية مشتقه من كلمة باب وكلمة "صيري" وتعني الصحراء إذ ترد هذه الكلمة في حوليات سنحاريب كاسم قبائل حاربها لأنها تحالفت مع الثائر الكلداني مردوخ بلادا ن وسماهم "صابي صيري" أي سكان الصحراء فيكون اسمها "باب الصحراء" وهو تفسير قريب جداً إلى موقعها الجغرافي، وقيل انها سميت بصرة لأنها كانت تقع على مرتفع من الأرض حتى كان من يقف في ذلك الموقع يستطيع أن يرى ما حوله والله أعلم.
* تاريخ البصرة
إن أول ولاية في العصر الإسلامي خارج حدود الجزيرة هي ولاية البصرة، وقد أصدر عمر بن الخطاب أوامره لإعلانها "ولاية" وعين عليها واليا وهو عتبة بن غزوان.
المقصود بمدينة البصرة القديمة هي تلك المدينة التي بناها العرب بقيادة عتبة بن غزوان عند الفتح الإسلامي للعراق عام أربعة عشر للهجرة، الموافق لعام 636 للميلاد، حيث كانت في بداية الأمر معسكراً للجنود وسكناً لعوائلهم ليسهل عليهم التوجه إلى الفتوحات، بدل من أن يضطروا للعودة إلى عوائلهم في المناطق البعيدة من شبه الجزيرة، موقع البصرة القديمة كان في المنطقة التي بنيت فيها مدينة الزبير الحالية، وتتسع إلى الشمال منها حيث تم العثور على بقايا لقصور قديمة من قصور البصرة تقع إلى الشمال من مدينة الزبير.
وكان هنالك نهر يمتد من شط العرب إليها، وقد درس ذلك النهر، كما حفر العرب عدة أنهار تتصل بعضها ببعض لتروي المدينة وبساتينها من جميع جهاتها حتى أصبحت تلك الأنهار وما يحيط بها من قصور وبساتين تعتبر جنة الله على الأرض، بنيت في بداياتها من القصب والبردي وأجذاع النخيل المتوفرة في المنطقة، لكن بعد "حريق البصرة الكبير"، أمر الخليفة عمر بأن تمصر من جديد وتبنى باللبن.
لقد اشتهرت البصرة فيما بعد بقصورها الكبيرة وبساتينها الواسعة الجميلة التي كانت تضرب الأمثال بروعتها وجمالها، لقد كانت أول مدينة بناها العرب أثناء الفتوحات الإسلامية، وتم بناؤها قبل الكوفة بحوالي ستة أشهر، ثم بنيت الفسطاط بعد الكوفة، لقد تم هجر الموقع القديم قبل 300 سنة من الآن بسبب انتشار الطاعون والجذام مما جعل السكان يتوقعون أنه موبوء لذلك تحولوا الى مكان اتخذته القوات العثمانية معسكراً لهم وانتشروا حول هذا الموقع.
وكان هنالك نهر يمتد من شط العرب إليها، وقد درس ذلك النهر، كما حفر العرب عدة انهر تتصل بعضها ببعض لتروي المدينة وبساتينها من جميع جهاتها حتى أصبحت تلك الأنهار وما يحيط بها من قصور وبساتين تعتبر جنة الله على الأرض.
* تاريخ الموقع قبل بناء المدينة
تظهر الحفريات وجود مدينة أثرية يعتقد بعض المؤرخين انه تم بناؤها في زمن نبوخذ نصر تدعى طريدون، وادعى آخرون إنها كانت مدينة آشورية "بحاجة إلى مصدر"و قال آخرون بناها الأسكندر المقدوني لتكون انطلاقة لغزواته للهند، حيث كان لهذه المدينة سد يحميها من ارتفاع منسوب مياه البحر، فان صح هذا فان طريدون أو تريدون تكون جنوب مدينة الزبير قرب خور الزبير في الوقت الحاضر، بينما يعتقد الرحالة جسني إن موقع طريدون هو قرب جبل سنام والذي يبعد عن جنوب مدينة الزبير بحوالي ثلاثة عشر ميل، فإذا كان ذلك صحيحاً فيجب أن يكون خور الزبير والذي هو امتداد للخليج العربي يمتد إلى جبل سنام أيام الدولة البابلية وهنالك رواية أخرى تختلف قليلاً وتبدو اكثر توافقاً من حيث التسلسل التاريخي وذلك بعد أن فتح سعد بن أبي وقاص مدينة الحيرة وما حولها أمره الخليفة أن يرسل عتبة بن غزوان إلى أرض الهند والمقصود بها منطقة البصرة حيث كانت الابلة "موقع البصرة الحديثة" تدعى بأرض الهند، ويجعل للمسلمين هنالك معسكراً، ولا يجعل بيني وبينه البحر، فسار إليها عتبة في ثمانمائة رجل، فلما افتتح الابلة أرسل إلى الخليفة يخبره بان المسلمين بحاجة إلى معسكر دائم هناك ووصف له موقع البصرة القديمة فاعجب به وتم سكن المدينة.
* سبب اختيار موقع المدينة
اقتضت الضرورة التي فرضتها الفتوحات الإسلامية على العرب إنشاء مدن عسكرية أو معسكرات سكنية للجنود المحاربـين لتخدم عدة جوانب، أهمها انه أصبح من غير المنطقي على الجندي المقاتل أن يذهب لزيارة أهله في فترات معقولة لبعد المسافة، فالمجاهد الذي قدم من اليمن أو عُمان يحتاج إلى أشهر طويلة لكي يصل إلى موطنه ويحتاج إلى نفس ذلك الوقت للعودة وهذا يعني انهم سيضيعون نصف وقتهم وجهدهم في مثل هذه الأسفار الطويلة الشاقة، مما يحرم جبهات القتال من فترات غيابهم الطويلة، كذلك كان لا بد من إيجاد معسكرات ثابتة للتحرك منها لضرب قواعد العدو أو طرق وقوافل إمداداته، أو شن الحملات السريعة المفاجئة عليه، أو لصد هجمات العدو، أو لنجدة بقية الجبهات عند الحاجة. كذلك إيجاد مقرات بعيدة على حافة الصحراء لا يجرأ العدو من الوصول إليها لمعالجة المصابين وقضاء فترة النقاهة بعيداً عن الخطوط الأمامية الخطرة والمتحركة دائماً، كما يستطيع أن يترك بها المقاتل زوجته أو ما يحصل عليه من الغنائم كي لا تعيق حركته أثناء القتال. كل هذه الأسباب وغيرها جعلتهم يفكرون بإنشاء مثل هذه المدن.
* كيف تم بناء البصرة
عندما اتخذ عتبة بن غزوان منطقة الخريبة معسكراً اخذ الخليفة يرسل العرب إلى البصرة تباعاً لتسكنها، فلما كثروا هناك بنى فيها عتبة سبعة دساكر "مفردها دسكرة" وتعني القرية الكبيرة من اللبن "الطابوق أو الطوب الغير محروق"، ويبدو أن أكثر البيوت تم بناؤها بالقصب أول الأمر ثم تحولوا إلى اللبن وذلك لسرعة احتراق القصب. وكان ذلك سنة أربع عشرة للهجرة وذلك قبل بناء الكوفة بستة اشهر. وقد تم بناء المسجد ودار الإمارة ثم بعد ذلك قام ببناء السجن وحمام الأمراء حيث تم البناء بالقصب أول الأمر، وكان أول بيت بني فيها هو دار نافع بن الحارث ثم دار الصحابي معقل بن يسار المزني والذي أطلق اسمه على أحد أهم انهار البصرة فيما بعد وهو نهر معقل أو نهر المعقل كما يدعى اليوم، وقد أدرك العرب أن أرض البصرة تصلح لزراعة النخيل فاكثروا من زراعة النخيل فيها حتى اشتهرت فيما بعد بأنها أرض النخيل.
منذ تأسيسها، وإلى بداية الانتداب البريطاني على العراق كانت منطقة البصرة تتسع وتنقبض اعتمادا على العديد من الأسباب منها ما هو إداري ومنها ما هو عمراني وتجاري، لكن البصرة ورغم تعدد الأسماء التي تطلق عليها كانت دائمة الحياة، بعد كل خراب يمر بها.
بحسب المصادر الإسلامية كانت حدودها بين الكوفة وأطراف واسط شمالا، حتى البحرين جنوبا مع امتداد على الخليج الذي يسمى خليج البصرة. وقد استمرت هذه المنطقة مترابطة الأطراف وبضمنها أجزاء باتت اليوم مستقلة عنها مثل قطر والبحرين والكويت والمنطقة الشرقية في السعودية وأجزاء كبيرة من الأهواز. بعد مجيء الإنكليز، قامت قواتهم بتقسيم ولاية البصرة ثم تبعها تقسيم أقضيتها، فصار لواء المنتفق محافظة ذي قار تيمنا بمعركة ذي قار بين البصريين العراقيين والفرس والتي انتهت بانتصار العرب. كما جعل لواء العمارة محافظة سميت بمحافظة ميسان تيمنا بالمنطقة التي يرجع إليها الفقيه الحسن البصري.
* معالم محافظة البصرة
1 - مسجد البصرة القديم: وهو أول وأهم مسجد في الإسلام خارج مكة والمدينة المنورة شيد في عهد الخليفة عمر من قبل عتبة ابن غزوان والي البصرة كان في بداياته مبني من أجذاع النخيل لكنه تدمر بالحريق الكبير وأعيد بناؤه من اللبن والطين من تم إعادة بنائه في خلافة عمر بن عبد العزيز والخلافة العباسية تدمر من جراء الفيضان الكبير الذي اصاب البصرة وتضاءلت أهميته بعد انتقال أهل البصرة من الموقع القديم إلى الموقع الجديد، شهد هذا المسجد مراحل مهمة من تأريخ الإسلام والمسلمين وتأريخ العراق، منها زيارة الامام علي ابن ابي طالب له بعد واقعة الجمل، مجزرة الحجاج التي راح ضحيتها مئات كبار العرب في البصرة، ثورة الزنج. وهو كذلك أول مدرسة للفقه، والحديث النبوي الشريف ثم علم الأصول والفلسفة. درس فيه عبد الله بن عباس المسمى بحبر الأمة، والحسن البصري، وواصل بن عطاء.
2 - جزيرة السندباد :تقع في وسط شط العرب بالقرب من ميناءالمعقل ويمتد فوقها جسر خالد وكانت معلم سياحي مهم حتى الفترة الأخيرة عندما أصبحت سكن للمتجاوزي.
3 - حدائق شجرة آدم: تقع شمال المحافظة في مدينة القرنة عند ملتقى دجلة بالفرات والتي تضم شجرة آدم، والتي يقال انها من أقدم الأشجار في المنطقة، وقد قيل بأنها ترجع لزمن آدم "عليه السلام"حتى أخذ الناس يتوافدون عليها للتبارك بها.
4 - أطلال بيت السياب: هو أحد أشهر الآثار الحديثة للشاعر المجدد بدر شاكر السياب، حيث منزل الأقنان ونهر بويب وجيكور التي تغنى بها السياب في شعره. وهناك أيضا تمثال السياب، وهو من تماثيل مدينة البصرة الذي نحته الفنان والنحات نداء كاظم للشاعر بدر شاكر السياب، يقع في كورنيش البصرة، والذي أزيح الستار عنه في سنة 1972.
5 - مدينة البصرة الرياضية: وهي أكبر مدينة رياضة في الشرق الاوسط وتقع على شط البصرة بين مدينتي القبلة والزبير.
6 - مزارع غابات النخيل: تمتد بكل أطراف المحافظة ولكن بالأخص مدينة أبو الخصيب التي تقع في وسط شط العرب بالقرب من ميناء المعقل.
7 - شارع كورنيش البصرة شارع يمتد على شاطئ شط العرب الأيسر يمتد من ساحة اسد بابل وحتى بوابة القصور الأربعة كان ولا يزال شاهد على تأريخ البصرة تميز بتمثال بدر شاكر السياب شاعر البصرة الأعظم.
8 - غابات الأثل: تقع بين مركز المحافظة ومدينة الشعيبة تضم تجمعا كبيرا من اشجار الأثل، وجهة كبيرة للسياح.
9 – البرجسية: ساحات شاسعة من الخضار الموسمي، حيث تنمو بها الحشائش خلال الربيع وجهة كبيرة للتخييم.
10 - حدائق الخورة :من الحدائق القديمة في المحافظة تقع في شارع المنتزه.
11 - حديقة الأمة: من الحدائق القديمة في المحافظة تم الغاؤها بعد 1991 لكن تم ترميمها الآن وأعيد افتتاحها من جديد.
12 - قصور الرؤساء الأربعة: وهي أربعة قصور فخمة.
13 - دير راهبات التقدمة اللاتينيين: يقع في شارع 14 تموز.
14 - سوق الهنود "المغايز": من الاسواق القديمة في البصرة، سمي بسوق الهنود بسبب الباعة الهنود الذين كانوا يعملون هنا في بداية القرن الماضي.
15 - سوق حنا الشيخ: من الأسواق القديمة ينسب الى عائلة حنا الشيخ البصرية العريقة.
December 4, 2010
تبعد محافظة البصرة 55 كم عن الخليج العربي و545 كم عن مدينة بغداد، تبلغ مساحتها 19070 كم2، بعدد سكان يناهز ال 3,800,200 نسمة "حسب احصائيات 2009"، لها حدود دولية مع كل من السعودية والكويت جنوباً وايران شرقاً، والحدود المحلية لمحافظة البصرة تشترك مع كل من محافظة ذي قار وميسان شمالاً، والمثنى غربا.
تعتبر ميناء العراق الأوحد، ومنفذه البحري الرئيسي، كما تزخر المحافظة بحقول النفط الغنية ومنها حقل الرميلة وحقول الشعيبة، وبحكم موقعها حيث تقع في سهول وادي الرافدين الخصيبة، فغنها تعتبر من المراكز الرئيسية لزراعة الأرز، الشعير، الحنطة، الدخن، كما تشتهر بتربية قطعان الماشية. تقع على أرض متباينة التضاريس بين سهل وجبل وهضاب وصحراء.
* أسماء مدينة البصرة
كان للبصرة أسماء كثيرة أخرى أيضا سميت بها وذكرت بأمهات الكتب، فمن ذلك كانت تدعى بالخريبة قبل الفتح الإسلامي "بسبب وجود مدينة قديمة خربة قريبة من الموقع"، وبعد بنائها سميت بأسماء كثيرة منها أم العراق، خزانة العرب، عين الدنيا، ذات الوشامين، البصرة العظمى، البصرة الزاهرة، ثغر العراق الباسم، الفيحاء، قبة العلم، كما تدعى الرعناء وذلك لتقلب الجو فيها أثناء اليوم الواحد وخاصة في فصل الربيع، وتجمع مع الكوفة بالمصرين، إذ أن كل من البصرة والكوفة كانتا تعتبران اعظم أمصار العالم الإسلامي بدون منازع -قبل بناء بغداد طبعاً- كما تجمع مع الكوفة أيضاً ويطلق عليهما العراقيين أو البصرتين.
أما معنى اسمها الحالي فقيل فيه الكثير من الأخبار منها: الأرض ذات الحجارة الصغيرة فقد قال الأخفش في البصرة: حجارة رخوة إلى البياض ما هي وبها سميت البصرة، وقال حمزة الاصفهاني إنها كلمة فارسية أصلها "بس راه" أو باصوراه أي الطرق المتشعبة وردها يعقوب سركيس إلى الكلدانية وقال أنها تعني الاقنية أو باصرا "محل الأكواخ" إن كلمة بصرة أو بصيرة كلمة أكدية مشتقه من كلمة باب وكلمة "صيري" وتعني الصحراء إذ ترد هذه الكلمة في حوليات سنحاريب كاسم قبائل حاربها لأنها تحالفت مع الثائر الكلداني مردوخ بلادا ن وسماهم "صابي صيري" أي سكان الصحراء فيكون اسمها "باب الصحراء" وهو تفسير قريب جداً إلى موقعها الجغرافي، وقيل انها سميت بصرة لأنها كانت تقع على مرتفع من الأرض حتى كان من يقف في ذلك الموقع يستطيع أن يرى ما حوله والله أعلم.
* تاريخ البصرة
إن أول ولاية في العصر الإسلامي خارج حدود الجزيرة هي ولاية البصرة، وقد أصدر عمر بن الخطاب أوامره لإعلانها "ولاية" وعين عليها واليا وهو عتبة بن غزوان.
المقصود بمدينة البصرة القديمة هي تلك المدينة التي بناها العرب بقيادة عتبة بن غزوان عند الفتح الإسلامي للعراق عام أربعة عشر للهجرة، الموافق لعام 636 للميلاد، حيث كانت في بداية الأمر معسكراً للجنود وسكناً لعوائلهم ليسهل عليهم التوجه إلى الفتوحات، بدل من أن يضطروا للعودة إلى عوائلهم في المناطق البعيدة من شبه الجزيرة، موقع البصرة القديمة كان في المنطقة التي بنيت فيها مدينة الزبير الحالية، وتتسع إلى الشمال منها حيث تم العثور على بقايا لقصور قديمة من قصور البصرة تقع إلى الشمال من مدينة الزبير.
وكان هنالك نهر يمتد من شط العرب إليها، وقد درس ذلك النهر، كما حفر العرب عدة أنهار تتصل بعضها ببعض لتروي المدينة وبساتينها من جميع جهاتها حتى أصبحت تلك الأنهار وما يحيط بها من قصور وبساتين تعتبر جنة الله على الأرض، بنيت في بداياتها من القصب والبردي وأجذاع النخيل المتوفرة في المنطقة، لكن بعد "حريق البصرة الكبير"، أمر الخليفة عمر بأن تمصر من جديد وتبنى باللبن.
لقد اشتهرت البصرة فيما بعد بقصورها الكبيرة وبساتينها الواسعة الجميلة التي كانت تضرب الأمثال بروعتها وجمالها، لقد كانت أول مدينة بناها العرب أثناء الفتوحات الإسلامية، وتم بناؤها قبل الكوفة بحوالي ستة أشهر، ثم بنيت الفسطاط بعد الكوفة، لقد تم هجر الموقع القديم قبل 300 سنة من الآن بسبب انتشار الطاعون والجذام مما جعل السكان يتوقعون أنه موبوء لذلك تحولوا الى مكان اتخذته القوات العثمانية معسكراً لهم وانتشروا حول هذا الموقع.
وكان هنالك نهر يمتد من شط العرب إليها، وقد درس ذلك النهر، كما حفر العرب عدة انهر تتصل بعضها ببعض لتروي المدينة وبساتينها من جميع جهاتها حتى أصبحت تلك الأنهار وما يحيط بها من قصور وبساتين تعتبر جنة الله على الأرض.
* تاريخ الموقع قبل بناء المدينة
تظهر الحفريات وجود مدينة أثرية يعتقد بعض المؤرخين انه تم بناؤها في زمن نبوخذ نصر تدعى طريدون، وادعى آخرون إنها كانت مدينة آشورية "بحاجة إلى مصدر"و قال آخرون بناها الأسكندر المقدوني لتكون انطلاقة لغزواته للهند، حيث كان لهذه المدينة سد يحميها من ارتفاع منسوب مياه البحر، فان صح هذا فان طريدون أو تريدون تكون جنوب مدينة الزبير قرب خور الزبير في الوقت الحاضر، بينما يعتقد الرحالة جسني إن موقع طريدون هو قرب جبل سنام والذي يبعد عن جنوب مدينة الزبير بحوالي ثلاثة عشر ميل، فإذا كان ذلك صحيحاً فيجب أن يكون خور الزبير والذي هو امتداد للخليج العربي يمتد إلى جبل سنام أيام الدولة البابلية وهنالك رواية أخرى تختلف قليلاً وتبدو اكثر توافقاً من حيث التسلسل التاريخي وذلك بعد أن فتح سعد بن أبي وقاص مدينة الحيرة وما حولها أمره الخليفة أن يرسل عتبة بن غزوان إلى أرض الهند والمقصود بها منطقة البصرة حيث كانت الابلة "موقع البصرة الحديثة" تدعى بأرض الهند، ويجعل للمسلمين هنالك معسكراً، ولا يجعل بيني وبينه البحر، فسار إليها عتبة في ثمانمائة رجل، فلما افتتح الابلة أرسل إلى الخليفة يخبره بان المسلمين بحاجة إلى معسكر دائم هناك ووصف له موقع البصرة القديمة فاعجب به وتم سكن المدينة.
* سبب اختيار موقع المدينة
اقتضت الضرورة التي فرضتها الفتوحات الإسلامية على العرب إنشاء مدن عسكرية أو معسكرات سكنية للجنود المحاربـين لتخدم عدة جوانب، أهمها انه أصبح من غير المنطقي على الجندي المقاتل أن يذهب لزيارة أهله في فترات معقولة لبعد المسافة، فالمجاهد الذي قدم من اليمن أو عُمان يحتاج إلى أشهر طويلة لكي يصل إلى موطنه ويحتاج إلى نفس ذلك الوقت للعودة وهذا يعني انهم سيضيعون نصف وقتهم وجهدهم في مثل هذه الأسفار الطويلة الشاقة، مما يحرم جبهات القتال من فترات غيابهم الطويلة، كذلك كان لا بد من إيجاد معسكرات ثابتة للتحرك منها لضرب قواعد العدو أو طرق وقوافل إمداداته، أو شن الحملات السريعة المفاجئة عليه، أو لصد هجمات العدو، أو لنجدة بقية الجبهات عند الحاجة. كذلك إيجاد مقرات بعيدة على حافة الصحراء لا يجرأ العدو من الوصول إليها لمعالجة المصابين وقضاء فترة النقاهة بعيداً عن الخطوط الأمامية الخطرة والمتحركة دائماً، كما يستطيع أن يترك بها المقاتل زوجته أو ما يحصل عليه من الغنائم كي لا تعيق حركته أثناء القتال. كل هذه الأسباب وغيرها جعلتهم يفكرون بإنشاء مثل هذه المدن.
* كيف تم بناء البصرة
عندما اتخذ عتبة بن غزوان منطقة الخريبة معسكراً اخذ الخليفة يرسل العرب إلى البصرة تباعاً لتسكنها، فلما كثروا هناك بنى فيها عتبة سبعة دساكر "مفردها دسكرة" وتعني القرية الكبيرة من اللبن "الطابوق أو الطوب الغير محروق"، ويبدو أن أكثر البيوت تم بناؤها بالقصب أول الأمر ثم تحولوا إلى اللبن وذلك لسرعة احتراق القصب. وكان ذلك سنة أربع عشرة للهجرة وذلك قبل بناء الكوفة بستة اشهر. وقد تم بناء المسجد ودار الإمارة ثم بعد ذلك قام ببناء السجن وحمام الأمراء حيث تم البناء بالقصب أول الأمر، وكان أول بيت بني فيها هو دار نافع بن الحارث ثم دار الصحابي معقل بن يسار المزني والذي أطلق اسمه على أحد أهم انهار البصرة فيما بعد وهو نهر معقل أو نهر المعقل كما يدعى اليوم، وقد أدرك العرب أن أرض البصرة تصلح لزراعة النخيل فاكثروا من زراعة النخيل فيها حتى اشتهرت فيما بعد بأنها أرض النخيل.
منذ تأسيسها، وإلى بداية الانتداب البريطاني على العراق كانت منطقة البصرة تتسع وتنقبض اعتمادا على العديد من الأسباب منها ما هو إداري ومنها ما هو عمراني وتجاري، لكن البصرة ورغم تعدد الأسماء التي تطلق عليها كانت دائمة الحياة، بعد كل خراب يمر بها.
بحسب المصادر الإسلامية كانت حدودها بين الكوفة وأطراف واسط شمالا، حتى البحرين جنوبا مع امتداد على الخليج الذي يسمى خليج البصرة. وقد استمرت هذه المنطقة مترابطة الأطراف وبضمنها أجزاء باتت اليوم مستقلة عنها مثل قطر والبحرين والكويت والمنطقة الشرقية في السعودية وأجزاء كبيرة من الأهواز. بعد مجيء الإنكليز، قامت قواتهم بتقسيم ولاية البصرة ثم تبعها تقسيم أقضيتها، فصار لواء المنتفق محافظة ذي قار تيمنا بمعركة ذي قار بين البصريين العراقيين والفرس والتي انتهت بانتصار العرب. كما جعل لواء العمارة محافظة سميت بمحافظة ميسان تيمنا بالمنطقة التي يرجع إليها الفقيه الحسن البصري.
* معالم محافظة البصرة
1 - مسجد البصرة القديم: وهو أول وأهم مسجد في الإسلام خارج مكة والمدينة المنورة شيد في عهد الخليفة عمر من قبل عتبة ابن غزوان والي البصرة كان في بداياته مبني من أجذاع النخيل لكنه تدمر بالحريق الكبير وأعيد بناؤه من اللبن والطين من تم إعادة بنائه في خلافة عمر بن عبد العزيز والخلافة العباسية تدمر من جراء الفيضان الكبير الذي اصاب البصرة وتضاءلت أهميته بعد انتقال أهل البصرة من الموقع القديم إلى الموقع الجديد، شهد هذا المسجد مراحل مهمة من تأريخ الإسلام والمسلمين وتأريخ العراق، منها زيارة الامام علي ابن ابي طالب له بعد واقعة الجمل، مجزرة الحجاج التي راح ضحيتها مئات كبار العرب في البصرة، ثورة الزنج. وهو كذلك أول مدرسة للفقه، والحديث النبوي الشريف ثم علم الأصول والفلسفة. درس فيه عبد الله بن عباس المسمى بحبر الأمة، والحسن البصري، وواصل بن عطاء.
2 - جزيرة السندباد :تقع في وسط شط العرب بالقرب من ميناءالمعقل ويمتد فوقها جسر خالد وكانت معلم سياحي مهم حتى الفترة الأخيرة عندما أصبحت سكن للمتجاوزي.
3 - حدائق شجرة آدم: تقع شمال المحافظة في مدينة القرنة عند ملتقى دجلة بالفرات والتي تضم شجرة آدم، والتي يقال انها من أقدم الأشجار في المنطقة، وقد قيل بأنها ترجع لزمن آدم "عليه السلام"حتى أخذ الناس يتوافدون عليها للتبارك بها.
4 - أطلال بيت السياب: هو أحد أشهر الآثار الحديثة للشاعر المجدد بدر شاكر السياب، حيث منزل الأقنان ونهر بويب وجيكور التي تغنى بها السياب في شعره. وهناك أيضا تمثال السياب، وهو من تماثيل مدينة البصرة الذي نحته الفنان والنحات نداء كاظم للشاعر بدر شاكر السياب، يقع في كورنيش البصرة، والذي أزيح الستار عنه في سنة 1972.
5 - مدينة البصرة الرياضية: وهي أكبر مدينة رياضة في الشرق الاوسط وتقع على شط البصرة بين مدينتي القبلة والزبير.
6 - مزارع غابات النخيل: تمتد بكل أطراف المحافظة ولكن بالأخص مدينة أبو الخصيب التي تقع في وسط شط العرب بالقرب من ميناء المعقل.
7 - شارع كورنيش البصرة شارع يمتد على شاطئ شط العرب الأيسر يمتد من ساحة اسد بابل وحتى بوابة القصور الأربعة كان ولا يزال شاهد على تأريخ البصرة تميز بتمثال بدر شاكر السياب شاعر البصرة الأعظم.
8 - غابات الأثل: تقع بين مركز المحافظة ومدينة الشعيبة تضم تجمعا كبيرا من اشجار الأثل، وجهة كبيرة للسياح.
9 – البرجسية: ساحات شاسعة من الخضار الموسمي، حيث تنمو بها الحشائش خلال الربيع وجهة كبيرة للتخييم.
10 - حدائق الخورة :من الحدائق القديمة في المحافظة تقع في شارع المنتزه.
11 - حديقة الأمة: من الحدائق القديمة في المحافظة تم الغاؤها بعد 1991 لكن تم ترميمها الآن وأعيد افتتاحها من جديد.
12 - قصور الرؤساء الأربعة: وهي أربعة قصور فخمة.
13 - دير راهبات التقدمة اللاتينيين: يقع في شارع 14 تموز.
14 - سوق الهنود "المغايز": من الاسواق القديمة في البصرة، سمي بسوق الهنود بسبب الباعة الهنود الذين كانوا يعملون هنا في بداية القرن الماضي.
15 - سوق حنا الشيخ: من الأسواق القديمة ينسب الى عائلة حنا الشيخ البصرية العريقة.
December 4, 2010